استمرار فضائح البلديات..!
إبراهيم الشيخ
لم أستغرب كثيراً من تصريحات النائب خميس الرميحي حول المعلومات الخطيرة التي نُشرت للفضيحة الجديدة لوزير البلديات، الذي سوّق ونظّم رحلة إلى فرنسا على حساب شركة «كنيم« الفرنسية، التي وفّرت طائرة خاصّة بقيمة إجمالية قدرها 80 ألف دينار، ومخصصات «دسمة« للمشاركين، بلغت (4 آلاف يورو) أي 2000 دينار تقريباً، (نوط ينطح نوط) لكل مشارك! وسكن فندق خمس نجوم، وذلك بحجّة اطلاعهم على تجربة الشركة في تدوير النفايات! والسبب ليس رحلة علمية طبعاً، لكنّها تأتي لأن الشركة تدخل مع شركات أخرى للظفر بمناقصة تفوق العشرة ملايين دينار لإنشاء مصنع تدوير النفايات في المحافظة الجنوبية، وتحتاج إلى الدعم الخفيّ والجليّ للفوز بتلك الصفقة!
النائب الرميحي قال كلاماً خطيراً، لكنّه أيضاً غير مستغرب، وذلك عندما ألمح إلى تورّط وزارة البلديات في القضيّة. ما يقارب من 14 بلديا بين رئيس وعضو، بصحبة مستشارين اثنين لوزير البلديات - لا أعلم ما دخلهما في المسألة - ، هما من كان يرتب ويخطط بأمر من وزير البلديات طبعاً! القضيّة كلها تُعرف من عنوانها إذا أجبنا على السؤال التالي: ما مصلحة شركة تسعى للربح في صرف ما يقارب من 200 ألف دينار - هذا ما علمناه، والله يستر على ما لم نعلم-، ما مصلحتها في صرف ذلك المبلغ الضخم؟ إلاّ أن في المسألة شبهة فساد كبيرة، وعلامة استفهام ترتسم على سلوك وزير البلديات في رعايته وتسويقه لسفرة مشبوهة، وكأنّه يريد توريط أكبر قدر ممكن من البلديين معه! الوزير حاول - والعهدة على كلام النائب الرميحي-، توريطه بالسفرة، ولا نعلم إذا كان هناك غيره نجا أيضاً من الفخّ! وهي كلها مسائل تثير ألف سؤال وسؤال، وخاصة أن سمعة الوزير بعد قضية استجوابه وإدانته من المجلس النيابي في الدور التشريعي الفائت، ولّدت شكوكاً كبيرة حول استغلال الوزير للمنصب الوزاري في تحقيق الإثراء غير المشروع، وهو ما أدانه به المجلس النيابي. كلّ ذلك يجرّنا إلى طرح التالي: التحقيق النيابي حول تلك القضيّة مهم وواجب، لكنّنا كمواطنين وبما أنّ الوزير يمثّل الحكومة، نتمنى أن تتشكّل لجنة حكومية للتحقيق مع الوزير في تلك القضيّة وتفاصيلها، مع متابعة السفرات والرحلات الأخيرة، وارتباطها بالشركة المعنيّة، ولا عيب في البحث في الحسابات البنكية، للتأكّد من خلو العملية من أي رشوة ظاهرية أو باطنية، لأن البحث بجدية في تلك التهم في مصلحة الوزير أولاً وأخيراً، لأنه وُضع في قفص الاتهام، والتهم كما قال النائب الرميحي أصبحت ككرة الثلج التي تكبر يوماً بعد يوم، ولن تقف إلا بالتحقيق الجديّ، ليحاسب بعدها من أجرم بحق الوطن، وسوّلت له نفسه استغلال تلك الأمانة في تحقيق الإثراء غير المشروع! الأمر المستغرب هو دفاع المشاركين في السفرة عن الموضوع برمته، وكأنّهم أصبحوا هم المتهم الرئيسي، وهذا يجرنا إلى توضيح نقطة مهمة في الموضوع، وهي وإن أخطأ الأعضاء بالمشاركة في تلك السفرة التي جاءت بتلك الطريقة المشبوهة، كان عليهم أن يوضّحوا أن مشاركتهم جاءت بناء على دعوة من وزير البلديات، وأيّ محاسبة يجب أن تتجه إلى الوزير والوزارة، كما أن ما حدث يجب أن يلفت نظر هيئة المناقصات إلى حقيقة ما حصل، حيث يبدو أن الشركة الفرنسية، قد وجدت ميلاً من طرف الوزارة في تسهيل حصولها على المناقصة، عن طريق تحقيق بعض الأمور، التي كان من بينها تنظيم تلك السفرة المكلفة وتحمل مصاريف المشاركين فيها، الذين ذهبوا بسبب ومن غير سبب، وكأنّها رحلة إلى عين عذاري!! والسبب هو الاطّلاع على تجربة تدوير النفايات!! باختصار الوزير ورّط المشاركين في السفرة، وأي تحقيق يجب أن يكون حكوميا قبل أن يكون نيابيا، فالوزير يمثّل الحكومة، ويجب أن يحاسب من قِبَلها، قبل أن يُحاسب من مجلس النوّاب. بالفعل إنّها قضيّة شائكة، سخّنت الأجواء قبل الدخول في أجواء المجلس الحامية، من المتوقّع أن تطير على إثرها رؤوس، بسبب تهاونها في حمل الأمانة، وإن غداً لناظره قريب.
الثلاثاء سبتمبر 30, 2008 2:38 pm